مسارات موجبة


“السودان /الخرطوم: كي نيوز” بقلم ✍️ الدكتور أسامة محمد عثمان حمد …

السودان وصراع السُلطة

انه هو الصراع الاستراتيجي الذي يعاني منه الوطن صراع  مراكز القوي المتنافرة لأجل السيطرة على السلطة  فالسياسيين يدعون أنهم هم الأوحد الاحق بالحكم والاستئثار بالسلطة لأنهم هم الاقدر على علاج المشكل السوداني تبريرا لهذا الاعتقاد بأن الازمة سياسية بحته وان الازمة الامنية هي نتاج للازمة السياسية في ظل حكم عسكري دكتاتوري حسب زعمهم .

أما العسكريون والامنيون فهم كذلك يجزمون بانهم هم الأوحد القادرون على معالجة ازمة الوطن لأنهم ينظرون إليها من زاوية الأمن المفقود المتسبب في فقده صراع السياسيين حول السلطة وانصياعهم لرغبات بعض الجهات الخارجية تحقيق لمصالحها للتحكم في موارد البلد من خلال دعمها لحركات التمرد المعارضة لنظم الحكم والتي وجدت دعم معنوي ومادي من قبل السياسيين أنفسهم ، و من هنا يأتي تبريرهم للانفراد بالحكم وان رضوا بمشاركة بعض من اهل السياسة لإضفاء بعض الشرعية المدنية للحكم في ظل رفض المجتمع الدولي للأنظمة العسكرية ووصفها بالدكتاتورية المتسلطة.

أن من المؤسف حقا ان الطرفين يتلاومان ويتهم كل منهما الاخر بعدم الوطنية بناءا على دلائل يدعي  جميعهم انها مؤشرات داعمة لإدعائهم وطالما ان كل طرف يتهم الاخر فهو كذلك يدعي النزاهة المطلقة والاحقية بالبقاء على رأس هرم السلطة في سعي واضح الي محو الطرف الآخر من الوجود مهما كلف ذلك وان أدى إلى ألا يكون هناك وطن يتنازع حوله.

في ظل هذا التصارع و التسارع المحموم حول السلطة بين الساسة والعسكر وادعاء كل طرف احقيته المطلقه دون الآخرين وانه مسنود من هذا الشعب المغلوب على أمره والحائر بين التأييد والممانعة رغم انه جزء لا يتجزء من اسباب و مكونات هذا الصراع.

فالعسكر يتهم الساسة بانهم تحكمهم ايدلوجاتهم وتوجهاتهم و مصالحهم الحزبية والذاتية مع جهات خارجيه لا يهمها سوي ان تحقق اطماعها الاقتصادية والتوسعية والسلطوية على حساب هذا الوطن ومواطنه وهذا الاتهام مؤسس على مالدي المؤسسة من معلومات توفرت لديها من واقع الممارسة الاستخباراتية وفقا لدلائل وشهود وبالتالي يرون ان من تنطبق عليهم أدلة هذه التهمة لا جدارة ولا كفاءة ولا أحقية لهم بالحكم.

وفي ذات الاتجاه يرى السياسيون المتنازعون فيمآ بينهم حول الحكم يرون عدم كفاءة العسكر ومقدرتهم للحكم ولا احقيتهم له نسبة لأنهم يعتمدون على سلطتهم العسكرية فيتقون بها للاستيلاء على السلطة التي ابسط ما توصف بها انها دكتاتورية.

وفي ذات السياق يفقدون جزءا من المكون السياسي و ابعاده عن المنافسة والإصرار على ذلك نسبة لاعتبارات عدة عدم التوافق الايدلوجي، تولي هذا المكون الحكم سابقا مستعينا بالعسكر وكذلك مشاركته لهم مما ترتب على ذلك بحث هذا المكون المبعد عن مراكز استقواء ودعم الشئ الذي وجده عند المكون العسكري الباحث لنفسه عن سند وسط السياسيين.

اذن دون وعي وإدراك فقط هي الخصومة السياسية التي دفعت باخرين الي الطرف الآخر الذي تلقفهم وهو منتشي وهم كذلك منتشين فرحين بهذا الدفع الذي وسع الشقة بين الطرفين وقلل من فجوة العسكر للتلاقي مع السياسيين.

سوف يظل هذا الصراع المحتدم مستمرا مالم تحدث درجة من التقارب في الرؤى وان يتحرر قادة الأطراف من الأنا وحب الذات بحثا عن حلول حقيقية تتمثل في.:

اولا: اعتراف كل شخص في هذا الوطن باحقية الآخرين معه في المواطنه عدلاً ومساواة.

ثانيا: ان يقر كل تنظيم او حزب سياسي باحقية الآخرين مثله في الممارسة والتنافس لا الخصومة حول الحكم.

ثالثا: لن يكون هناك وطن دون وجود مؤسسات عسكرية وأمنية قوية تعمل على حماية مواطنه ايا كان و الحفاظ على حقوقه وممتلكاته.

رابعا: ان جميع القطاعات (الامنية والسياسية والاجتماعية  والاقتصادية) هي قطاعات ذات أهمية يجب أن تأخذ حقها من الأهمية وفقا لعملية تحليل استراتيجي حقيقي يتم بصورة علمية ومهنية.

خامسا: ان يتجرد الجميع لأجل هذا الوطن بعيدا عن عمليات التخوين و الإساءة و الاتهام بعيدا عن مؤسسات تحقيق العدالة.

سادسا: ان يعمل الجميع لإعادة الثقة في مؤسسات الدولة واجهزتها الخدمية ومؤسساتها السياسية و الحزبية.

سابعا: تعبئة الشعب وتهيئته لان يختار من يحكمه دون تسلط من اي جهة داخلية او خارجية.

ثامنا: ان تعمل جميع الجهات المتصارعه حول السلطة على تحويل الصراع الي تنافس يرتكز على ان بصوت الشعب هو الركيزة من خلال بث روح الوطنية والانتماء المفضي الي التوافق حول كيفية الحكم ومن يحكم.

تاسعا: الاعتراف بأن هذا الوطن ذي مكونات متباينة متنوعة ومختلفة وان العسكر و السياسيين بجميع أنواعه هم جزء لا يتجزء من مكونات هذا الوطن الشئ الذي يستوجب عليهم جميعا التوافق على أمنه واستقراره

عاشرا: ان تجارب الدول من حولنا التي عمدت على أضعاف مؤسساتها العسكرية لعدم منازعتها الحكم مستقبلا لم تكن قادرة على تثبيت دعائم الحكم المدني بعد ذلك لان الحكم المدني يحتاج الي من يحرسه.

إذن فالواجب بدلا من التمترس في مواقع الارتكاز منتظرين هفوات الخصم للانقضاض عليه وهذا أمر يمثل قمة الخطورة الشئ الذي ظهر جليا في تجارب لدول من حولنا التي يجب أن ندرسها جيدا لكي نستفيد منها تفاديا لما حدث لها من دمار وليس للسير في نفس المسار.

أحدث أقدم