مسارات موجبة


“السودان /الخرطوم: كي نيوز”✍️ الدكتور أسامة محمد عثمان حمد …

السودان و خيارات الحكم

التأمل لحال الوطن الان الظاهر منه لا يسر وباطن الأمر يعلمه رب العباد ولكن أمرنا ان نتحرك في ظل مشاهدة الظواهر وما يرى منها الان سالب بكل تأكيد، والحركة والسكون بأمر الله تعالى ولكن لابد من الارادة التي تسعي بين الناس صلحاً ان رأت خصومة بدلاً من صب مزيد من الزيت على نار الفتنة، ومن الإيجابية بمكان البحث عن الحلول للاشكالات الحالية التي نتجت عنها كل مظاهر السيولة الامنية الحالية،  وأهم هذه الحلول هو التوافق حول الحكم وكيف يمكن الوصول لاتفاق حوله.

هناك محاولات من البعض لصناعة واقع جديد لا يتماشى مع طبيعة مكونات الوطن ولا هويته وعقيدته أمر في غاية الصعوبة تحقيقه وسوف تترتب عليه اشكالات مستقبلية تزيد الأمر تعقيدا، فالسودان بوضعه الحالي قام على الفرض وليس التراضي أولاً فلم يختار سكان السودان بحدوده الجغرافية الحالية بمحض رغبتهم الإلتئام في وطن واحد بل هذا ما أملته عليهم مصالح الحلفاء المستعمرين لهذه المساحة الجغرافية من بعد اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي وجدت لخلق نزاعات مستمرة بين الشعوب لتكون مرهونة الارادة لهم، ثم بعد ذلك كان التراضي على الاستمرارية على مضض واستمرارية المنادات من قبل كثير من المكونات و المطالبة بحكم منفصل لأسباب عدة، فاذا لم يتراضي السودانيون حول كيف يُحكمون لن يتراضوا على من يحكمهم وهذا أمر يطول شرحه ولكن آمل من التفكر جيدا في هذا الأمر وهناك تصور سوف اطرحه في وقت لاحق.

السودان بلد مترامي الأطراف مختلف الاثنيات والاعراق و اللهجات قائم بصورة أساسية على تجذر الانتماء القبلي والعقدي وكثير من الأحيان ما يطغى القبلي على العقدي وينفرط العقد الذي يربط جميع مكونات هذا الوطن وهو العقيدة التي في غالبها الاعظم الإسلام  وتخبو الوطنية بين القبيلة والعقيدة الا صوت بعض العقلاء هنا أو هناك.

ربما يكون مستوى الوعي المعرفي لدي غالب السكان تقدم إلى حد ما بانتشار مرافق التعليم العام والعالي في شتى ربوعه ولكن يظل المثل السوداني قائم (القلم مابزيل بلم) نجد ان غالب الذين يقودون الوطن الي حتفه هم المعتلمون وليس المتألمون ولأن غالبهم ليس له مرجعية داخلية تكونت نتاج علم ومعرفة حقه وكسب ثقافي وإرث قيمي وأخلاقي وإنما هي مرجعيات خارجية طغت و تجزرت مفاهيمها في داخله واصبحت تحركة نحو مصالح اما ذاتية بحته او مصالح اخرين بعيدا عن مصلحة الوطن ومواطنه.

الوعي الإيجابي هو الذي يدفع الإنسان ليعيد النظر كرات عده متأملاً و متفكراً في مآلات الأفعال وهنا لابد من الإشارة الي صفة أساسية يجب أن يتصف بها من يسعى الي قيادة الآخرين وهي صفة الثبات الانفعالي الذي يحرر طاقتك السالبة المملؤة غبنا تجاه الغير الي طاقة موجبة تحركك نحو موجب الفعل تفكراً في كيفية إشراك الغير معك في الحل او كيفية قبول ما يطرحه الآخرون من حلول.

قبلنا ام أبينا فنحن أمام أمر واقع مفروض، وجود هذه المكونات العرقية المختلفة النوع واللغة والمتفقة في غالبها الاعظم في الدين والاعتقاد و وفي التنوع قوة ويعتبر الدين هنا هو أقوى عناصر الربط الاجتماعي وحتى يظل هذا الارتباط قائما متينا لابد من تذكر أوامر الله تعالي ونواهيه في هذا الجانب حتى لا نضل كما ضل من هم قبلنا سواء كان هذا الضلال قديما او في وقتنا الحاضر.

نحن أمام ثلاث خيارات لا رابع لهما إما ان نتراضي على كيفية حكم يجمع اهل السودان عليه فيتوقف النزيف الدموي و الاقتصادي هذا وهو الخيار الأفضل للجميع أو نعود تراضياً لما قبل الحكم التركي ومكوناته من السلطنات والدويلات التي كانت قائمة انذاك دون تنازع بإتفاق تام على الحدود وحفظ الحقوق وهو خيار يكون له الأفضلية في حال فشل الخيار الأول أو خيار التنازع والخصومة والاقتتال بين مكوناته وهو الخيار المر الذي ان وقع لن يكون هناك وطن اسمه السودان بعد ذلك على خارطة العالم.

انتبهو أيها الساعون بالفتنة بين الناس إن نارها تأكل الأخضر واليابس ولن يسلم منها احد وان سلمت انت ببدنك فلن يسلم منها اهلك ولا مالك ولا ولدك وسوف تحمل اثمها بين العالمين وفي الدارين حيث لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم، اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على جزيل نعمائه يزيدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون.

أحدث أقدم