“السودان /الخرطوم: كي نيوز” بقلم ✍️ الدكتور أسامة محمد عثمان حمد …
السودان بين كراهية القتال وخيرية الصلح
تظل الحروب لما يترتب عليها من قتال وفساد كريهة بهذا الوصف الواضح الذي يحتاج الزيد شرحا وبيانا وهي قدر من أقدار الله الذي لم يجنبه الله تعالى أحب خلقه إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكنها مع الكره هذا كان قوله فصلى أيضا واضح البيان قال تعالي ﴿ كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾ [ (216) البقرة].
مما يعني أنه أمر مفروض رغم كره الناس له لما فيه من المشقة والعنت والمخاطر ورغم هذه الكراهية التي بدونها إلا أنه ربما يكون فيه خير كثير وقد تحبون شيئا بطبع البشرية الباحث عن الراحة واللذة المتعجلة رغم الشر الملازم لها فغياب العلم عند البشر هو النقطة الفاصلة بين الحب والكره لها (الحرب) فادراكانا ووعينا بمقاصد توجيه هذه الآية يوجهنا نحو استصحاب معية الله فيما نقول ونفعل وما يترتب على هذه الأفعال من أقدار الله الواجب علينا الإيمان والتسليم بها وكان الله قولا فصلا واضح قاطعنا بعدم علمنا بما يترتب على ذلك وهو العليم الخبير وهو على كل شيء قدير.
ان ندعوا الي السلم امر محمود ولكن موجبات الدعاء السلم تطلب إظهار القوة الباطشة التي تردع الباغي عن تكرار فعله ولا يشعر بأنه الاقوى فيزداد بغيا وتجبرا وتكبرا على الله وخلقه قال تعالى {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [(35) محمد] وهنا جاء الأمر بأن تضعفوا وتدعوهم الي السلم والمصالحة بل اظهروا كل قوة ممكنة وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ والمقصود هنا أن الله معكم بالنصر لكم عليهم.
لم يترك الله تعالى الباب فاتح هكذا للتأويل على مصرعيه دون إسناد وتتابع لما ورد من آيات فكما جاء بالأمر بالقتال وعدم الدعوة الي السلم ضعفا وهوانا كان الأمر بقتال الباغي اكثروا بيانا مع تركة مساحة كافية قبل قتاله وهي الإصلاح فكان الأمر اصلحوا بينهما في قوله تعالى وَإِن {طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ} [( ٩) الحجرات] في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على الإمام أو على أحد من المسلمين من بعد السعي الإصلاح بينهما.
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ هذه جملة عامة في كل شيء، في الحقوق الزوجية وحقوق الرحم وحقوق المصاهرة وحقوق الجوار وحقوق المعاملة، كل شيء، الصلح خير، وهنا لم يقل: الصلح بينهما لإفادة العموم، يعني أن الصلح في كل شيء خير من عدمه، ومن المعلوم أن الصلح قد يتصور الإنسان أن فيه غضاضة عليه، فلهذا قال: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ وكأن الله يقول: دعوا هذا الشح الذي أحضرته الأنفس واطلبوا الخير في المصالحة، ولهذا نجد أنه إذا تعقدت الأمور بين شخصين وأردنا أن نصلح نجد أن كل واحد منهما يركب رأسه ويأبى أن يتنازل إلا بعد جهد جهيد.